فصل: موعظة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.فصل في وجوب اليقظة والحذر استعدادا لهول القيامة:

إِذَا فَهِمْتَ ذَلِكَ وَأَنَّكَ غَيْرَ مَتْرُوكٍ سُدَى، فَالوَاجِبُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ عَاقِلاً تُرِيدُ نَجَاةَ نَفْسِكَ أَنْ لا تَغْفَلَ وَلا سَاعَةً، وَأَنْ تَكُونَ دَائِمًا عَلَى حَذَرٍ، وَتَفَكَّرْ فِيمَا أَمَامَكْ مِنْ العَقَبَاتِ وَالأَهْوَالِ المُزْعِجَاتِ، وَاذْكُرْ تَطَايُرَ الصُّحُفِ إِلَى الأَيْمَانِ وَالشَّمَائِلِ، قَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ} الآيَاتِ وَقَالَ عَزَّ مِنْ قائِل: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ}، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً}.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُؤْتَى بِالعَبْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ أَوْ الأَمَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُنَادِي مُنَادٍ عَلَى رُؤُوسِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ: هَذَا فُلانُ بنُ فَلانٍ مَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فَليَأْتِ إِلَى حَقِّهِ، فَتَفْرَحُ المَرْأَةُ أَنْ يَكُونَ لَهَا الحَقُّ عَلَى أَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ زَوْجِهَا ثُمَّ قَرَأَ: {فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ} فَيَغْفِرُ اللهُ مِنْ حَقِّهِ مَا يَشَاءُ، وَلا يَغْفِرُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ شِيْئًا فَيُنْصَبُ لِلنَّاسِ، فَيَقُولُ: ائْتُوا إِلَى النَّاسِ حُقُوقَهُم، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ فَنِيْتْ الدُّنْيَا، مِنْ أَيْنَ أُوتِيهُمْ حُقُوقَهُمْ؟ فَيَقُولُ: خُذُوا مِنْ أَعْمَاله الصَّالِحَةِ فَأَعْطُوا كُلَّ ذِي حَقِّ حَقَّهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا للهِ فَفَضَلَ لَهُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ضَاعَفَهَا اللهُ لَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ بِهَا الجَنَّةَ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} وَإِنْ كَانَ عَبْدًا شَقِيًّا قَالَ المَلِكَ: رَبِّ فَنِيَتْ حَسَنَاتُه وَبَقِيَ طَالِبُونَ كَثِيرٌ، فَيَقُولُ: خُذُوا مِنْ سَيَّئَاتِهِم فَأَضِيفُوهَا إِلَى سَيِّئَاتِهِ، ثُمَّ صُكُّوا لَهُ صَكًّا إِلَى النَّارِ.
وَعَنْ أَنْسٍ أَنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهِ لا يَظْلِمُ المُؤْمِنَ حَسَنَةً يُثَابُ عَلَيْهَا الرِّزْقَ فِي الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةً».
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَالحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَاكُ فِي قَوْلِهِ: {وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً}، يَعْنِي: الجَنَّةَ، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُسْكِنَنَا وَإِخْوَانِنَا المُسْلِمِينَ الجَنَّةَ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرُو بنِ العَاصِ أَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى سَيُخَلِّصُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤُوسِ الْخَلائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ لَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلاًّ كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ. فَيَقُولُ: لا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ تعالى: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَّهُ لا ظُلْمَ عَلَيْكَ اليوم فَيُخْرَجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلاتِ؟ فَقَالَ: فإِنَّكَ لا تُظْلَمُ فَتُوضَعُ السِّجِلاتُ فِي كَفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ، فَطَاشَتْ السِّجِلاتُ، وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ، ولا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ». أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ.
وَخُصّ مِمَّنْ يُحَاسَبُ وَتُوزَنُ أَعْمَالُهْم طَائِفَتَانِ، فَمِنِ الكُفَّارِ مِنْ لَيْسَ لَهُمْ حَسَنَةٌ، فَهُؤلاءِ يَقَعُونَ فِي النَّارِ مِنْ غَيْرِ حِسَابٍ وَلا مِيزَانٍ، وَمِنَ المُؤْمِنِينَ مِنْ لا سَيِّئَةَ لَهُ وَلَهُ حَسَنَاتٌ كَثِيرَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَحْضِ الإِيمَانِ، فَهَذَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِغَيْبِ حِسَابٍ، كَمَا فِي قِصَّةِ السَّبْعِينَ أَلْفًا، وَمَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يُلْحِقَهُ بِهم، وَهُمْ الذِينَ يَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ كَلَمْحِ البَصَرِ، وَكَالبَرْقِ الخَاطِفِ، وَكَالرِّيحِ، وَكَأْجَاوِدْ الخَيْلِ، وَمَنْ عَدَا هَذَيْنِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالكُفَّارِ يُحَاسَبُونَ، وَتُعْرَضُ أَعْمَالُهم عَلَى المَوَازِينِ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم} إِنَّهُ يَحْشُرُ الخَلائِقَ كُلَّهُم يَوْمَ القِيَامَةِ، البَهَائِمِ وَالدَّوَابِ وَالطَّيْرِ وَكُلِّ شَيْءٍ، فَيَبْلُغُ مِنْ عَدْلِ اللهَ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَأْخُذُ لِلْجَمَّاءِ مِنَ القَرْنَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: كُونِي تُرَابًا، فلذلِكَ: {يَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً} فَتَفَكَّرْ فِي صَحِيفَتِكَ، وَكُنْ عَلَى حَذَرٍ خَشْيَةَ أَنْ تَخْرُجَ مَمْلُوَءةً بِالسَّيِّئَاتِ. وَاللهُ أَعْلَمْ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
عَلامَةُ صِحَّةٍ لِلْقَلْبِ ذِكرٌ ** لِذِي العَرْشِ المُقَدَّسِ ذِي الجَلالِ

وَخِدْمَةُ رَبِّنَا فِي كُلِّ حَالِ ** بِلا عَجْزٍ هُنَالِكَ أَوْ كَلالِ

وَلا يَأْنَسْ بِغَيْرِ اللهِ طُرًا ** سِوَى مَنْ قَدْ يَدُلُّ إِلَى المَعَالي

وَيَذْكُرُ رَبَّهُ سِرًا وَجَهْرًا ** وَيُدْمِنُ ذِكْرَهُ فِي كُلِّ حَالِ

وَفِيهَا وَهُوَ ثَانِيها إِذَا مَا ** يَفُوتُ الوِرْدُ يَوْمًا لاشْتِغَالِ

فَيَأْلَمُ لِلْفَوَاتِ أَشَّدَ مِمَّا ** يَفُوتُ عَلَى الحَرِيصِ مِنَ الفِضَال

وَمِنْهَا شُحُّهُ بِالوَقْتِ يَمْضِي ** ضَيَاعًا كَالشَّحِيحِ بِبَذْلِ مَالِ

وَأَيْضًا مِنْ عَلامَتِهِ اهْتِمَامٌ ** بِهَمٍ وَاحِدٍ غَيْرَ انْتِحَالِ

فَيَصْرَفُ هَمَّهُ للهِ صِرْفًا ** وَيَتْرُكُ مَا سِوَاهُ مِنَ المَوَالِ

وَأَيْضًا مِنْ عَلامَتِهِ إِذَا مَا ** دَنَا وَقْتُ الصَّلاةِ لِذِي الجَلالِ

وَأَحْرَمَ دَاخِلاً فِيهَا بِقَلْبٍ ** مُنِيبٍ خَاضِعٍ فِي كُلِّ حَالِ

تَنَاءَى هَمُّهُ وَالغَمُّ عَنْهُ ** بِدُنْيَا تَضْمَحِلُّ إِلَى زَوَالِ

وَوَافَى رَاحَةٌ وَسُرُورَ قَلْبٍ ** وَقُرَّةَ عَيْنِهِ وَنَعِيمَ بَالِ

وَيَشْتَدُّ الخُرُوجُ عَلَيْهِ فِيهَا ** فَيَرْغَبُ جَاهِدًا فِي الابْتِهَالِ

وَأَيْضًا مِنْ عَلامَتِهِ اهْتِمَامٌ ** بِتَصْحِيحِ المَقَالَةِ وَالفِعَالِ

وَأَعْمَالٍ وَنِيَّاتٍ وَقَصْدٍ ** عَلَى الإِخْلاصِ يَحرصُ بِالكَمَالِ

أَشَدَّ تَحَرُّصًا وَأَشَدَّ هَمًا ** مِنَ الأَعْمَالِ تَمَّتْ لا يُبالي

بِتَفْرِيطِ المُقَصِّرِ ثُمَّ فِيهَا ** وَإِفْرَاطٍ وَتَشْدِيدِ لِغَالي

وَتَصْحِيحِ النَّصِيحَةِ غَيْرَ غِشٍّ ** يُمَازِجُ صَفْوَهَا يَوْمًا بِحَالِ

وَيَحْرِصُ فِي إتِّبَاعُ النَّصُ جَهْدًا ** مَعَ الإِحْسَانِ فِي كُلَّ الفِعَالِ

وَلا يُصْغِي لِغَيْرِ النَّصِ طُرًا ** وَلا يَعْبَأَ بِآرَاءِ الرِّجَالِ

فَسِتُّ مَشَاهِدٍ لِلْقَلْبِ فِيهَا ** عَلامَاتٌ عَنِ الدَّاءِ العُضَالِ

وَيَشْهَدُ مِنْهُ لِلرَّحْمَنِ يَوْمًا ** بِمَا أَسْدَى عَلَيْهِ مِنَ الفِضَالِ

وَيَشْهَدُ مِنْهُ تَقْصِيرًا وَعَجْزًا ** بِحَقِّ اللهِ فِي كُلِّ الخِلالِ

فَقَلْبٌ لَيْسَ يَشْهَدُهَا سَقِيمٌ ** وَمَنْكُوسٌ لِفِعْلِ الخَيْرِ قَالي

فَإِنْ رُمْتَ النَّجَاةَ غَدًا وَتَرْجُوا ** نَعِيمًا لا يَصِيرُ إِلَى زَوَالِ

نَعِيمٌ لا يُبِيدُ وَلَيْسَ يَفْنَى ** بِدَارِ الخُلْدِ فِي غُرَفٍ عَوَالِ

فَلا تُشْرِكْ بِرَبِّكَ قَطُّ شَيْئًا ** فَإِنَّ اللهَ جَلَّ عَنِ المِثَال

عَلا بِالذَّاتِ فَوْقَ العَرْشِ حَقًّا ** بِلا كَيْفٍ وَلا تَأْوِيلِ غَالِ

عُلُوُّ القَدْرِ وَالقَهْرِ اللَّذَانِ ** هُمَا للهِ مِنْ صِفَةِ الكَمَالِ

بِهَذَا جَاءَنَا فِي كُلِّ نَصٍّ ** عَنِ المَعْصُومِ فِي صَحْبٍ وَآلِ

وَيَنْزِلُ رَبُّنَا فِي كُلِّ لَيْلٍ ** إِلَى أَدْنَى السَّمَاوَاتِ العَوَالي

لِثُلْثِ اللَّيْلِ يَنْزِلُ حَِينَ يَبْقَى ** بِلا كَيْفٍ عَلَى مَرِّ اللَّيَالي

يُنَادِي خَلْقَهُ هَلْ مِنْ مُنِيبٍ ** وَهَلْ مِنْ تَائِبٍ فِي كُلِّ حَالِ

وَهَلْ مِنْ سَائِلٍ يَدْعُو بِقَلْبٍ ** فَيُعْطَى سُؤْلَهُ عِنْدَ السُّؤَالِ

وَهَلْ مُسْتَغْفِرٍ مِمَّا جَنَاهُ ** مِنَ الأَعْمَالِ أَوْ سُوءِ المَقَالِ

وَيَشْهَدُ أَنَّمَا القُرْآنُ حَقًّا ** كَلامُ اللهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِلالِ

وَلا تَمْوِيهِ مُبْتَدِعٍ جَهُولٍ ** بَخَلْقِ القَوْلِ عَنْ أَهْلِ الضَّلالِ

وَآيَاتُ الصِّفَاتِ تُمَرُّ مَرًا ** كَمَا جَاءَتْ عَلَى وَجْهِ الكَمَالَ

إَلَهٌ وَاحِدٌ أَحَدٌ عَظِيمٌ ** عَلِيمٌ عَادِلٌ حَكَمُ الفِعَالِ

رَحِيمٌ بِالعِبَادِ إِذَا أَنَابُوا ** وَتَابُوا عَنْ مُتَابَعَةِ الضَّلالِ

شَدِيدُ الانْتِقَامِ لِمَنْ عَصَاهُ ** وَيُصليهِ الجَحِيمَ وَلا يُبَالي

فَبَادِرْ بِالذِي يَرْضَاهُ تَحْظَى ** بِخَيْرٍ فِي الحَيَاةِ وَفِي المَآلِ

وَلازِمْ ذِكْرَهُ فِي كُلِّ وْقْتٍ ** وَلا تَرْكَنْ إِلَى قِيلٍ وَقَالِ

وَأَهْلِ العِلْمِ نَافِسْهُمْ وَسِائِلْ ** وَلا يَذْهَبْ زَمَانُكَ فِي اغْتِفَالِ

وَأَحْسَنَ وَانْبَسِطْ وَارْفُقْ وَنَافِسْ ** لأَهْلِ الخَيْرِ فِي رُتَبَ المَعَالي

فَحُسْنُ البِشْرِ مَنْدُوبٌ إليه ** وَيَكْسُوا أَهْلَهُ ثَوْبَ الجَمَالِ

وَأَحْبِبْ فِي الإِلَهِ وَعَادِ فِيهِ ** وَأَبْغِضْ جَاهِدًا مِنْهُ وَوَالِ

وَأَهْلَ الشِّرْكِ بَايِنْهُم وَفَارِقْ ** وَلا تَرْكَنْ إِلَى أَهْلِ الضَّلالِ

وَتَشْهَدُ قَاطِعًا مِنْ غَيْرِ شكٍّ ** بِأَنَّّّّّ اللهَ جَلَّ عَنِ المِثَال

وَرُؤْيَا المُؤْمِنِينَ لَهُ تَعَالَى ** عِيَانًا فِي القِيَامَةِ ذِي الجَلالِ

يَرَى كَالبَدْرِ أَوْ كَالشَّمْسِ صَحوًا ** بِلا غَيْمٍ وَلا وَهْمٍ خِيَالِ

وَمِيزَانُ الحِسَابِ كَذَاكَ حَقًّا ** مَعَ الحَوْضِ المُطَهَّرِ كَالزِلالِ

وَمِعْرَاجُ الرَّسُولِ إليه حَقًّا ** بِنَصِّ وَارِدِ لِلشَّكِ جَالي

كَذَاكَ الجَسْرُ يُنْصَبُ لِلبرَايَا ** عَلَى مَتْنِ السَّعِيرِ بِلا مُحَالِ

فَنَاجٍ سَالِمٍ مِنْ كُلِّ شَرٍّ ** وَهَا هُوَ هَالِكٍ لِلنَّارِ صَالي

وَتُؤْمِنُ بِالقَضَا خَيْرًا وَشَرًّا ** وَبِالمَقْدُورِ فِي كُلِّ الفِعَالِ

وَأَنَّ النَّارَ حَقٌ قَدْ أَعِدَتْ ** لأَعْدَاءِ الرُّسُولِ ذَوِي الضَّلالِ

بِحِكْمَةِ رَبِّنَا عَدْلاً وَعِلْمًا ** بِأَحْوَال الخَلائِقِ فِي المَالِ

وَأَنَّ الجَنَّةَ الفِرْدَوْسَ حَقٌّ ** أُعِدَّتْ لِلْهُدَاةِ أُوُلِي المَعَالِ

بِفَضْلٍ مِنْهُ إِحْسَانًا وَجُودًا ** بِلا شَكٍّ هُنَالِكَ لِلسُّؤَالِ

وَكُلٌّ فِي المَقَابِرِ سَوْفَ يُلْقَى ** وَتَكْرِيمًا لَهُمْ بَعْدَ الوِصَالِ

نَكِيرًا مُنْكَرًا حَقًّا بِهَذَا ** أَتَانَا النَّقْلُ عَنْ صَحْبٍٍ وَآلِ

وَأَعْمَالاً تُقَارِنُهُ فَإِمَّا ** بِخَيْرٍ قَارَنْتَ أَوْ سُوءِ حَال

.موعظة:

اسْتَلِبْ زَمَانِكَ يَا مَسْلُوبْ! وَغَالِبِ الهَوَى يَا مَغْلُوبْ! وَحَاسِبْ نَفْسَكَ فَالعُمْرُ مَحْسُوبْ، وَامْحِ قَبِيحَكَ فَالقَبِيحُ مَكْتُوبْ، وَاعَجِبًا لِنَائِمٍ وَهُوَ مَطْلُوبْ، وَلِضَاحِكٍ وَعَلَيْهِ ذُنُوبْ.
أَلا ذَكِّرَانِي قَبْلَ أنْ يَأْتِي المَوْتُ ** وَيُبْنَى لِجُثْمَانِي بِدَارِ البَلَى بَيْتُ

وَعَرَّفَنِي رَبِّي طَرِيقَ سَلامَتِي ** وَبَصَّرَنِي لَكِنَّنِي قَدْ تَعَامَيْتُ

وَقَالُوا مَشِيبُ الرَّأْسِ يَحْدُو إِلَى البِلا ** فَقُلْتُ: أَرَانِي قَدْ قَرُبَتُ فَأَدْنِيتُ

أَيْنَ الدُّموعُ السَّوَاجِمْ؟ قَبْلَ المَنَايَا الهَوَاجِمْ، أَيْنَ القَلَقُ الدَّائِم؟ لِلذُّنُوبِ القَدَايم، أَتَرَى أَثَّرتِ المَلاوِمْ؟ فِي هَذِهِ الأَقَاوِمْ، أَيُّهَا الْقَاعِدُ وَالْمَوْتُ قَائِمٌ أَنَائِمٌ أَنْتَ عَنْ حَدِيثِنَا أَمْ مُتَنَاوِمْ؟ لابد وَالله مِنْ ضَرْبَةِ لازِمْ تَقْرُعُ لَهَا نَادِمْ، لابد مِنْ مَوْجِ هَوْلٍ مُتَلاطِمْ، يُنَادِي فِيهِ نُوحُ الأَسَى لا عَاصِمْ، لابد مِنْ سَقَمِ السَّالِمْ يَنْسَى فِيهِ يَا أَمَّ سَالِمْ.
يَا مَنْ سَيَنْأى عَنْ بَنِيهْ ** كَمَا نَأَى عَنْهُ أَبُوهْ

مَثِّلْ لِنَفْسِكَ قَوْلَهُمْ ** جَاءَ اليقين فَوَجِّهُوهْ

وَتَحَلَّلُوا مِنْ ظُلْمِه ** قَبْلَ الْمَمَاتِ وَحَلِّلُوهُ

اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، نَسْأَلُكَ أَنْ تَكْفِينَا مَا أَهَمَّنَا وَمَا لا نَهْتَمُّ بِهِ وَأَنْ تَرْزُقَنَا الاسْتِعْدَادِ لِمَا أَمَامَنَا، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

.فصل في ذكر بعض المعاصي التي تلبس بها بعض الناس:

وَمِمَّا يَنْبَغِِي إِيرَادُه في هَذَا المَقَامِ بَعْضُ المَعَاصِي التِي قَدْ تَلَبَّس بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا بَعْضُ النَّاسِ لِيَبْتَعِدَ عَنْهَا، وَعَنْ مَنْ يُقَارِفُهَا، وَيَنْصَحُ عَنْهَا، وَيُبَيِّنُ أَنَّهَا أَمْرَاضٌ فَتَّاكَةٌ أَعْظَمُ وَأَخْطَرُ مِنْ أَمْرَاضِ الأَبْدَانِ، لأَنَّهَا تُذْهِبُ الحَسَنَاتِ، وَرُبَّمَا أَدَّتْ بِالإِنْسَانِ إِلَى الهَلاكِ الأَبَدَيّ، وَالعَذَابُ السَّرْمَدِيّ، مِنْ ذَلِكَ: أَكْلُ الحَرَامِ، أَوْ رِيَاءَ، أَوْ رِبَا، أَوْ إِصْرَارٌ عَلَى مَنْعِ زَكَاةٍ، أَوْ عَدَمُ تَنَزُّهٍ مِنْ بَوْلٍ، أَوْ تَرْكُ حُضُورِ جُمْعَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ، أَوْ غِيبَةٌ، أَوْ نَمِيمَةٌ، أَوْ حَسَدٌ، أَوْ مَنْعِ حُقُوقٍ وَاجِبَاتٍ، أَوْ كَذِبٌ عَلَى اللهِ، أَوْ أَذِّيَةُ جَارٍ، أَوْ قَرِيبٍ، أَوْ كَثْرَةُ أَيْمَانٍ لِتَرْوِيجِ سِلعٍ، أَوْ غِشٌّ فِي بَيْعٍِ أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ تَدْلِيسٌ، أَوْ اقْتِطَاعُ شَيْءٍ مِنْ أَرَاضِي المُسْلِمِينَ، أَوْ اسْتِعْمَالِ آلاتِ اللَّهْوِ وَالطَّرَبِ، كَالعُودِ وَالبَكمِ وَالتِّلِفِزْيُونِ وَالمِذْيَاعِ وَالفيديو، أَوْ تَغِييرُ مَنَارِ الأَرْضِ، أَوْ لُبْسُ الرِّجَالِ لِلْحَرِيرِ، أَوْ الذَّهَبِ، أَوْ تَشَبُّهٍ بِنَسَاءٍ، أَوْ نَظَرٌ إِلَى مُحَرَّمٍ، أَوْ إِعَانَةُ ظَالِمٍ، أَوْ تَرُك نَصْرِ مَظْلُومٍ يَقْدِرُ عَلَى نَصْرِهِ، أَوْ شِهَادَةٌ بِزُورٍ، أَوْ نَجْشٌ لإِيذَاءِ مُؤْمِنْ، أَوْ تَرْكِ الْوَلاءِ وَالْبَرَاءِ بِمُجَالَسَةِ الْعُصَاةِ، وَمُوَاكلتُهم، وَتَرْكُ هَجْرِهِم، أَوْ تَدْلِيسٌ، أَوْ غِشٌ أَوْ مُجَاهَرَةٌ بِالْمَعَاصِي، كَحَلْقِ اللِّحْيَةِ، وَشُرْبِ الدُّخَانِ، وَتَشَبُهٍ بَأَعْدَاءِ الإِسْلامِ، بِجَعْلِ خَنَافِسَ وَتَوَإليتٍ، وَكَخُلْوَةٍ بِامْرَأَةٍ لا تُحِلُّ لَهُ، أَوْ يُرْكِبُهَا مَعَهُ، وَلا مَحْرَمَ مَعَهَا وَالْعِيَاذُ بِاللهِ، أَوْ تَصْوِيرُ ذَوَاتِ الأَرْوَاحِ أَوْ شِرَائِهَا، أَوْ الرِّضَى بِهَا وَعَدَمُ إتْلافِهَا، أَوْ مَيْلٌ مَعَ بَعْضِ مَنْ يَجِبُ الْعَدْلُ بَيْنَهُمْ، أَوْ تَنْشِيزُ زَوْجَةٍ عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ بِالْعَكْسِ، بَأَنْ يُنَشِّزَ الزَّوْجَ عَنْهَا، أَوْ إضْرَارٌ لِتَفْتَدِي مِنْهُ، أَوْ جَعْلُ يَدٍ عَلَى قَرِيبَةً لَهُ وَمَنْعِهَا مِنْ الزَّوَاجِ إِلا لَهُ أَوْ لِمَنْ يُرِيدُهَا لَهُ، أَوْ مُسَاعَدَةٌ لِصَاحِبِ مَعْصِيَةٍ، أَوْ يُؤْوِي مُحْدِثًا، أَوْ عُقُوقٌ لِوَالِدٍ أَوْ وَالِدَةٍ، أَوْ قَطِيعَةُ رَحِمٍ، أَوْ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ زِنَى أَوْ لِوَاطٍ، أَوْ إِتْيَانُ مَنْ حَاضَتْ، أَوْ إِتْيَانُهَا فِي الدُّبُرِ، أَوْ إِتْيَانُ بَهِيمَةٍ، أَوْ دِيَاثَةٌ، أَوْ كَتْمُ شَهَادَةٍ، أَوْ خِيَانَةٌ، أَوْ تَكْذِيبٌ بِالمَلائِكَةِ، أَوْ بِالجِنِّ، أَوْ بِالبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَالجَزَاءِ عَلَى الأَعْمَالِ، وَالجَنَّةِ وَالنَّارِ، أَوْ حَلِفٌ بِغَيْرِ اللهِ، أَوْ قَذْفُ مُحْصَنٍ، أَوْ شُرْبُ مُسْكِر، أَوْ سُجُودٌ لِغَيْرِ اللهِ، أَوْ أَنْ تُلْحَقَ المَرْأَةُ أَوْلادًا بِزَوْجِهَا، وَكَذَا الزَّانِي إِذَا أَدْخَلَ أَوْلادًا عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ أَخْذُ مَكْسٍ أَوْ إِعَانَةٌ عَلَيْهِ، أَوْ وَشْمٌ، أَوْ نَمْصٌ، أَوْ مَحَبَّةُ قِيَامٍ لَهُ، أَوْ مُخَاصَمَةٌ بِبَاطِلٍ، أَوْ جُورٍ فِي وَصِيَّةٍ، أَوْ اتِّخَاذُ مَسَاجِدَ عَلَى القُبُورِ أَوْ إِسْرَاجُهَا، أَوْ سَرِقَةٌ، أَوْ جَحْدُ عَارِيَّةً، أَوْ كَذِبُ عَلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ غَصْبٌ مَالِ مُسْلِمٍ، أَوْ أَكْلُ مَالِ يَتِيمٍ، أَوْ فِطْرٌ فِي رَمَضَانَ، أَوْ خِيَانَةٌ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ، أَوْ تَقْدِيمُ الصَّلاةِ عَلَى وَقْتِهَا، أَوْ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ ضَرْبُ مُسْلِمٍ بِلا حَقٍّ، أَوْ تَرْوِيعُهُ، أَوْ سَبٌّ لِلصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، أَوْ رِشْوَةٌ فِي الحُكْمِ، أَوْ قِيَادَةٌ، أَوْ نِسْيَانٌ لِلْقُرْآنِ، أَوْ تَحْرِيقُ حَيَوانٍ بِالنَّارِ، أَوْ تَرْكُ الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ يَأْسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، أَوْ أَمْنٌ مِنْ مِكْرِ اللهِ، أَوْ وَقِيعَةٌ فِي أَهْلِ العِلْمِ وَالقُرْآنِ، أَوْ سِحْر، أَوْ بَهْتُ مُسْلِم، أَوْ تَهَاوُنُ القَادِرِ بِالحَجِّ إِلَى أَنْ يَمُوتَ، أَوْ تَكْذِيبٍ بِالقَدَرِ، أَوْ هَجْرُ مُسْلِمٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلا لِعُذْرٍ فِي المَهْجُورِ كَتَظَاهُرِهِ بِالفِسْقِ، أَوْ يَكُونَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَوْ بَيْعُ حُرٍّ وَأَكْلُ ثَمَنِهِ، أَوْ مَنْعِ أَجِيرٍ أُجْرَتَهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ العَمَلِ مِنْهُ، أَوْإِتْيَانُ كَاهِنٍ، أَوْ اتِّخَاذ شَيْءٍ فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا، أَوْ لَعْنُ مُسْلِم، أَوْ التَّسَبُّبُ فِي لَعْنِ الوَالِدَيْنِ، أَوْ يَقُولُ فِي يَمِينِهِ: وَإِلا كُنْتُ يَهُودِيًا أَوْ نَصْرَانِيًا، أَوْ كَافِرًا وَنَحْوَ هَذَا وَالعِيَاذُ بِاللهِ، أَوْ يَتَتَبَّعُ عَوْرَاتِ المُسْلِمِينَ، أَوْ يُنَابِزَ بِالأَلْقَابِ المَكْرُوهَةِ عِنْدَ مَنْ لُقِّبَ بِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، أَوْ يَنْتَسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يَطْعَن فِي الأَنْسَابِ الثَّابِتَةِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، أَوْ نِيَاحَةٍ عَلَى مَيِّتٍ، أَوْ امْتِنَاعِ المَرْأَةِ مِنْ فِرَاشِ زَوْجِهَا بِلا عُذْرٍ، أَوْ يَقُولُ لِمُسْلِمٍ يَا كَافِرُ، أَوْ يَا عَدُوَّ اللهِ، أَوْ يَسُبُّ الدَّهْرَ، أَوْ يَعْصِرُ العِنَبَ لِلْخَمْرِ، أَوْ يَزْرَعُ الدُّخَانَ، أَوْ يَبِيعُه أَوْ يُوَرِّدُهُ، أَوْ يَحْلِقُ لِحَى المُسْلِمِينَ، أَوْ يُسَاعِدُهُم عَلَى التَّشَبُّهِ بِأَعْدَاءِ اللهِ بِتَصليحِ خَنَافِسِهِم وَجُعْلانِهِم وَتَوَإلياتِهم، وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ يُقَامِرُ، أَوْ يَشْهَدُ بِالرِّبَا أَوْ يُوَكِّلُهُ أَوْ يَكْتُبُهُ، أَوْ يَمْنَعُ ابْنَ السَّبِيلِ عَنْ فَضْلٍ مَا، أَوْ يَمُنُّ بِالعَطَاءِ، أَوْ يُسْبِلُ وَيَجُرُّ ثِيَابَهُ خُيَلاءً، أَوْ يَجُورُ في الحُكْمِ، أَوْ يُحْدِثُ فِي الدِّينِ، أَوْ يُؤْوِي مُحْدِثًا، أَوْ يَتَكَبَّرُ، أَوْ يَخْتَالُ فِي مَشْيَتِهِ، أَوْ يَعْتَادُ الكَذِبَ، أَوْ يَكْذِبُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، أَوْ يَسْتَمِعُ لِمَنْ يَكْرَهُونَ سَمَاعَهُ، أَوْ يَكُونُ ذَا وَجْهَيْنِ، أَوْ يَغُلُّ مِنَ الغَنِيمَةِ، أَوْ يَقْتُلُ نَفْسَهُ، أَوْ يَقْتُلُ ذِمِيًّا، أَوْ يَأْكُلُ الحَرَامَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، أَوْ سُخْرِيَةٌ وَاسْتِهْزَاءٌ بِمُسْلِمٍ، أَوْ تَعَلُّمُ العِلْمَ لِغَيْرِ وَجَهِ اللهِ، أَوْ يُفَسِّرُ القُرْآنَ بِرَأْيِهِ، أَوْ يَكْتُمُ عِلْمًا شَرْعِيًا مَعَ تَعَيُّنِ الجَوَابِ عَلَيْهِ، أَوْ مِرَاءٌ فِي القُرْآنِ، أَوْ مُرُورٌ بَيْنَ يَدَيْ مُصَلِّ، أَوْ يَسْتَدِينَ وَلا يُرِيدُ الوَفَاءَ، أَوْ يُحَلِّلَ المَرْأَةَ لِغَيْرِهِ، أَوْ تُحَلَّلَ لَهُ، أَوْ إِفْشَاءُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ السِّرِّ الذِي بَيْنَهُمَا، أَوْ يَجْعَلُ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ كُفَارًا لِخَدَّامِينَ وَمُرَبِّينَ وَسَوَّاقِينَ وَطَبَّاخِينَ وَخَيَّاطِينَ رِجَالاً وَنِسَاءً أَوْ يَتَسَّبَبْ لإِتْيَانِهم لِبَلادِ المُسْلِمِين.
وذُقْتُ مَرَارَتَ الأَشَيَاطُرًا ** فَمَا طَعْمٌ أَمَرَّ مِنَ المَعَاصِي

وَنَحُْ هَذِهِ المَعَاصِي، وَرُبَّمَا خَرَجَ مِنْ صَحِيفَةِ الإِنْسَانِ مَعْصِيَة يَظُنُّهَا سَهْلَةٌ وَهِي عِنْدَ اللهِ عَظِيمَةٌ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ العَبْدَ لِيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ» وَرُبَّمَا عَمَلَ أَعْمَالاً ظَنَّهَا حَسَنَاتٍ فَتَبْدُوا يَوْمَ القِيَامَةِ سِيِّئَاتٍ بِسَبَبِ رِيَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَمَا أَدْرِي وَإِنْ أَمَّلْتُ عُمْرًا ** لَعَلِّي حَينَ أُصْبِحُ لَسْتُ أُمْسِي

وَلِلدُّنْيَا وَسَاكِنهَا سُيُولٌ ** وَأَنْتَ عَلَى مَدَارِجِهنَّ مُرْسِيْ

كَأَنَّكَ لا تَرَى بِالخَلْقِ نَقْصًا ** وَأَنْتَ تَرَاهُ كُلَّ شُرُوقِ شَمْسِ

أَلَمْ تَرَ أَنَّ كُلَّ صَبَاحِ يَوْمٍ ** واللهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ